responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 435
الْمَعَاشِ وَخَامِسَتُهَا: قَوْلُهُمْ: أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ نَأْكُلَ مِنْها بِالنُّونِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ وَالْمَعْنَى إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ كَنْزٌ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ كَوَاحِدٍ مِنَ الدَّهَاقِينَ فَيَكُونَ لَكَ بُسْتَانٌ تَأْكُلُ مِنْهُ وَسَادِسَتُهَا: قَوْلُهُمْ: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي آخِرِ سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَجَابَ اللَّه تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا وَفِيهِ أَبْحَاثٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا كَيْفَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ؟ وَبَيَانُهُ أَنَّ الَّذِي يَتَمَيَّزُ الرَّسُولُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ هُوَ الْمُعْجِزَةُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَا يَقْدَحُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْمُعْجِزَةِ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهَا قَادِحًا فِي النُّبُوَّةِ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ انْظُرْ كَيْفَ اشْتَغَلَ الْقَوْمُ بِضَرْبِ هَذِهِ الْأَمْثَالِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِأَجْلِ أَنَّهُمْ لَمَّا ضَلُّوا وَأَرَادُوا الْقَدْحَ فِي نُبُوَّتِكَ لَمْ يَجِدُوا إِلَى الْقَدْحِ فِيهِ سَبِيلًا الْبَتَّةَ إِذِ الطَّعْنُ عَلَيْهِ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا يَقْدَحُ فِي الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي ادَّعَاهَا لَا بِهَذَا الْجِنْسِ مِنَ الْقَوْلِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمَّا ضَلُّوا لَمْ يَبْقَ فِيهِمُ اسْتِطَاعَةُ قَبُولِ الْحَقِّ، وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِنَا وَتَقْرِيرُهُ بِالْعَقْلِ ظَاهِرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيَ الدَّاعِي إِلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَاعِيَتُهُ إِلَى أَحَدِهِمَا أَرْجَحَ مِنْ دَاعِيَتِهِ إِلَى الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَحَالُ الِاسْتِوَاءِ مُمْتَنِعُ الرُّجْحَانِ فَيَمْتَنِعُ الْفِعْلُ/ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَحَالُ رُجْحَانِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ يَكُونُ حُصُولُ الطَّرَفِ الْآخَرِ مُمْتَنِعًا، فَثَبَتَ أَنَّ حَالَ رُجْحَانِ الضَّلَالَةِ فِي قَلْبِهِ اسْتَحَالَ مِنْهُ قَبُولُ الْحَقِّ، وَمَا كَانَ مُحَالًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ، فَثَبَتَ أَنَّهُمْ لَمَّا ضَلُّوا مَا كَانُوا مستطيعين.

[سورة الفرقان (25) : الآيات 10 الى 14]
تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (11) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (12) وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (14)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْجَوَابُ الثَّانِي عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ فَقَوْلُهُ: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ أي من اللَّه ذَكَرُوهُ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا كَالْكَنْزِ وَالْجَنَّةِ وَفَسَّرَ ذَلِكَ الْخَيْرَ بِقَوْلِهِ: جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً نَبَّهَ بِذَلِكَ سُبْحَانَهُ عَلَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الرَّسُولُ كُلَّ مَا ذَكَرُوهُ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يُدَبِّرُ عِبَادَهُ بِحَسَبِ الصَّالِحِ أَوْ عَلَى وَفْقِ الْمَشِيئَةِ وَلَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِهِ، فَيَفْتَحُ عَلَى وَاحِدٍ أَبْوَابَ الْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ، وَيَسُدُّ عليه أبواب الدنيا، وفي حس الْآخَرِ بِالْعَكْسِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُ فَعَّالٌ لما يريد، وَهَاهُنَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا عَيَّرُوكَ بِفَقْدِهِ الْجَنَّةُ، لِأَنَّهُمْ عَيَّرُوكَ بِفَقْدِ الْجَنَّةِ الْوَاحِدَةِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ جَنَّاتٍ كَثِيرَةً، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ: خَيْراً مِنْ ذلِكَ أَيْ مِنَ الْمَشْيِ فِي الْأَسْوَاقِ وَابْتِغَاءِ الْمَعَاشِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 435
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست